5 فبراير 2013

عمره 76 عاما ولا يزال يمارس مهنة يعجز عنها الشباب


طولكرم- المتوسط للأعلام - عبد الله سليم الدروبي  أمضى أكثر من 57 عاما في حفر آبار جمع مياه الشرب وقصارتها  وهو اليوم متفرغ لمهنة قصارة الآبار فقط .

يقول الدروبي والذي يعرف بكنيته –أبو وحيد- انه حفر في حياته ما بين 250 إلى 300 بئر جمع مياه  معظمها في قرى محافظة طولكرم  وخاصة  في منطقة الكفريات  وقد حفر آبار في جيوس ويعبد قضاء جنين وكفر قدوم وحواره وفي كفر قليل  جنوب شرق نابلس قام بحفر أعمق بئر في حياته وصلت إلى 12 مترا .

وقد كشفت سلطة المياه الفلسطينية صيف 2007  أن معدل التزود بالمياه للفرد في الضفة الغربية يقل بكثير عن نصف المعدل الأدنى المقترح من منظمة الصحة العالمي

واستنادا إلى سلطة المياه الفلسطينية  فان ثمة أكثر من 200 تجمع سكاني في الضفة الغربية بدون شبكات مياه وما زالت تعتمد على آبار الجمع ووسائل تقليدية أخرى للحصول على الماء .

 

 يستذكر أبو وحيد  طرق الحفر قبل احتلال الضفة عام 1967 قائلا انه كان يستخدم كحل البارود في تفجير الصخور أثناء الحفر قائلا انه كان يحصل على هذا الكحل من مصنع خاص في عنبتا أغلقته سلطات الاحتلال بعد النكسة

ويشير أبو وحيد انه بعد العام 1967 والتوقف عن استخدام المتفجرات في تحطيم الصخور أصبح الاعتماد كليا على العدد اليدوية  لفترة والآن يتم الاعتماد على ا آلات الحفر مثل الكمبريسة موضحا أن عمله اليوم يقتصر على قصارة الآبار معتبرا نفسه انه أصبح خبيرا في هذه المهنة وان عمله يستمر طوال العام مع التوقف في المطر الشديد .

ويستخدم أبو وحيد حماره في الوصول إلى محل العمل خاصة وان معظم الآبار تكون في أراض زراعية ومناطق جبلية وعرة قد لا تصل إليها المركبات مما يجبره على استخدام حماره في الوصول إلى هذه المناطق

يفتخر أبو وحيد في إجادته لقصارة الآبار قائلا الحمد لله إنني قمت بقصارة أكثر من 20 بئرا السنة الماضية ولم يعد أي من أصحابها ليراجعني بان البئر يسرب مياه أو أن المياه فيه نقصت ويعتبر أبو وحيد أن مهنة حفر الآبار يمكن لأي أن يمارسها أما قصارة الآبار فهي علم وتحتاج خبرة وطولة بال –ولا تعتمد على العضلات بقدر اعتمادها على الصبر .

ومن ضمن أعمال قصارة البئر يقوم الدروبي ببناء (قصعة البئر) وهي عبارة عن بناء كتلة إسمنتية مربعة بطول 100-110سم يثبت في وسطها باب حديد كما يقوم بتسوية وصب سطح للبئر بالاسمنت لضمان جمع مياه الأمطار  فيه

 ويقول أن الحجر يحتاج إلى سياسة وملاينة لا الشدة والعنف ويستخدم  الدروبي عاملا واحدا يعمل معه في القصارة معتبرا أن العامل يحتاج لوقت طويل حتى يتقن المهنة وان هناك عمالا اشتغلوا لفترة قصيرة وقاموا بقصارة آبار أدت في النهاية إلى خسائر في المال والجهد عندما يتبين أن البئر يفقد المياه المتجمعة وبسرعة كبيرة حيث يحذر بمثل شعبي بقوله "هواة المعلم بألف ولو أنها تلف-" أي أن ضربة المعلم تعادل ألف حتى ولو يخرب العمل

ويبلغ أبو وحيد الدروبي من العمر 76 عاما إلا انه لا يزال يستخدم الحبل في النزول والطلوع من البئر بخفة وسرعة تستدعي الدهشة  لشخص في عمره معتمدا على قوة يديه النحيلتين في التسلق على الحبل الذي يكون قد ربطه في أربعة من جذوع الأشجار بعد أن يكون ضمها معا بربطتها بحبال وأسلاك وثبت حجارة ثقيلة عليها ليضمن ثباتها وتحملها لإنزال نفسه والعامل المساعد ومواد القصارة من اسمنت ورمل وماء إلى  قاع البئر ويقول

وحول إذا ما كان ناتج العمل يكفيه أو ينفق على أسرته أجاب الدروبي مبتسما ....انه أنجب 5 أولا و3 بنات وأنهم اعتاشوا من هذه المهنة طوال الفترة الماضية معتبرا أنها صنعة ومهنة وعلى رأيه –اللي يتعلم يصنع يملك قلعة  .

وفيما أن وجد آثارا أو ما يدل على حياة قال انه لم يجد شيئا من ذلك لكنه كثيرا ما وجد أفاعي داخل الآبار خاصة في الصيف حيث كانت الأفعى تحاول الاختباء إما تحت دلو العمل أو بين ملابسه التي علقها على جانب البئر

أما عن مدى صلابة الصخور واختلاف الصخور من منطقة إلى أخرى فقد قال الدروبي أن الأرض لا تقر(تعترف )بما فيها بل تخبئ ما فيها ويضيف انه كثيرا ما يتم استشارته حول انسب مكان لحفر بئر فاضطر أن اذهب لمسافة لاقترح عليهم مكان الحفر والحمد لله دائما لا يخيب ظني بالمكان المناسب وتراني كمن ينقب عن بترول استخدم حدسي لمعرفة المكان الأنسب والأسهل للحفر  وهذا كله من طول الخبرة .