27 أبريل 2008


طولكرم- المتوسط للأعلام
حمزة الحامد "أبو إبراهيم" من رجالات قرية ذنابة شرق طولكرم ومن وجهاء آل سيف في القرية
قبل نكبة العام 1948 كان الحامد يعمل مفتش قطارات في خط السكة الحديدية من حيفا حتى القنطرة وبورسعيد في مصر
وله ذكريات لا تنسى في عمله يظل يرددها في كل مجلس وعند كل لقاء...
ويذكر الحامد أن الفنان محمد عبد الوهاب أو"المغني عبد الوهاب " حسب تعبيره، قد ركب في قطاره من حيفا عائدا لبورسعيد ولدى مروره في سهل طولكرم سأل: إيه اسم البلد دي!!! فرد الحامد إنها طولكرم لكن عبد الوهاب عقب مسرعا دي بلد البطيخ... حيث كانت شهرة البطيخ ألكرمي تصل إلى مصر.
يتذكر أبو إبراهيم أثناء وجوده في بورسعيد وقد أقبلت على سيدة شابة ورجته أن يحملها إلى فلسطين لقد كانت امرأة فلسطينية من مدينة اللد تزوجت من مصري إلا أن زوجها أساء معاملتها وكان يضربها صباح مساء وأنها قررت تركه والعودة لأهلها مهما كلف الأمر .... لكن الحامد تردد واخبرها أن في ذلك مسؤولية كبرى تقع على عاتقه إن نقلها بصورة غير قانونية... لكن تأثره بقصتها جعله يسمح لها بركوب القطار وقبل الوصول إلى نهاية الرحلة طلب من سائق القطار التمهل وقام بإنزال المرأة ... وبعد فترة صادفته في السوق فأشارت لإخوتها وأهلها عليه حيث شكروه على مساعدته لابنتهم وتخليصها من حياة الشقاء في الغربة.
بعد نكبة فلسطين عام 1948 أرسل شهادات الخبرة والعمل( مفتش قطارات فلسطين) إلى مكتب شركة " أرامكو" الشهيرة في بيروت وطلبوا إليه الحضور فورا للعمل بعد اجتياز الفحص الطبي ومن بيروت غادر للعمل في السعودية
يستذكر أبو إبراهيم أيام عمله مفتشا للقطار بين الرياض والدمام ويقول إن المسافة بين البلدين 650 كم
ولا يمكن للحامد أن ينسى المرحوم الملك فيصل وركوبه للقطار في المقطورة الخاصة به وأثناء مرور الحامد من عربة جلالته أرسل له أحد خدمه ليطلبه
ويذكر محادثته معه عندما سأله الملك من أين أنت؟ فأجابه من فلسطين فوضع جلالته يده على رأسه احتراما وقام بتحيته
وتناول الملك فيصل صرة- كيس صغير وأعطاه إياه قائلا هذه هدية فرد حمزة الحامد أنا موظف يا مولانا وأتقاضى راتب شهري لكن جلالة الملك أجاب: الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الهدية فرد الحامد وأنا من أتباع الرسول وهديتك مقبولة يا مولاي ...وشكره وأخذ الصرة " الكيس
وعندما سأل الملك عن أحوال أهل فلسطين أجابه الحامد أنه يعمل في السعودية منذ 3 سنوات ولا يعرف الكثير عن الوضع الحالي هناك ويضيف " لقد وجدت بداخل الكيس مبلغ 485 ريالا سعوديا وكان هذا مبلغا محترما في ذلك الوقت".
ورغم أن الحامد الآن في 94 من العمر لكن ذاكرته لا تزال جيدة للغاية فهو يذكر عبد الله بن عدوان حاكم منطقة الدمام الذي أرسل له محاولا إقناعه في البقاء في العمل لكنه اعتذر رغبة في العودة إلى عائلته وأسرته وإنهاء الغربة
ويستذكر الحامد منع التدخين في السعودية "شرب الدخان" فيقول بينما كنت وسائق القطار وهو أيضا فلسطيني من بلدة عنبتا نتمشى ليلا في الرياض قام زميلي بإشعال سيجارة فشاهد رجال الشرطة السيجارة المشتعلة في الظلام وسارعوا نحوها ويضيف وعندما شعرت باقتراب الشرطة طلبت إلى زميلي دفن السيجارة وإطفائها فورا في الأرض الرملية ومع وصول الشرطة سألوا من المدخن اجبنا نحن لا ندخن فقام أفراد الشرطة بشم فم كل منهما وعرف الجاني وكادت الشرطة أن تفتك به لولا أن سارع أبو إبراهيم بإبلاغهم أن هذا الشخص هو سائق القطار وان أي مس بها أو سجنه سوف يعطل القطار الذي يوصل البضائع والركاب إلى الرياض وهذه مسؤولية كبرى وهنا أطلق سراحه على الفور
واختتم حمزة الحامد ارتباطه بالقطارات بأن عمل وكيلا حكوميا لتضمين الأراضي التابعة لسكة الحديد في المقطع من رأس عامر قرب شمال قلقيلية حتى جنين ويقول كانت الحكومة تملك دونما من الأرض على كل جانب من طرفي سكة الحديد وكنت اذهب إلى المزارعين من القرى التي تمر منها أو بقربها سكة الحديد بعد ترتيب من مختار كل قرية وأقوم بتأجير الأرض في المنطقة مقابل عائد سنوي.
يتحدث حمزة الحامد عن مرافقته لقائد الثورة الفلسطينية عام1936 الشهيد عبد الرحيم الحاج محمد وحضوره اجتماعا بين فصيلي الثورة الذي يتزعمه الحاج محمد والآخر الذي مثله عارف العبد الرازق من الطيبة حيث عقد الاجتماع في كفر صور
ويتذكر الحاج حمزة كيف تم إبلاغ قائد الثورة عبد الرحيم الحاج محمد أن قوات إنجليزية وصلت كفر أللبد وهي في طريقها إلى سفارين عندما قام وصلى في "علية الشيخ علي" وطلب إليه ورفاقة التحرك بسرعة قائلا ماذا سأقول لأبو حمزة( والد حمزة الحامد ) إن حصل لك مكروه وأنت معي ؟؟؟؟؟؟
ويتحدث الحاج أبو إبراهيم عن بدايات الثورة وقيادة عبد الرحيم الحاج محمد "أبو كمال" لها وكيف كان تاجرا كبيرا في طولكرم وتحوله للثورة حيث كانت أول عملية بكمين للإنجليز قرب-لية بلعا- مفترق بلعا شرق طولكرم .
أما عن إقامته في غزة كممثل لقائد الثورة ولقاءاته مع رئيس البلدية مفيد التميمي ورشدي الشوا وإقامته هناك ومحاولة اعتقاله من قبل الإنجليز لها حكاية أخرى عندما سئل احدهم أين ستنامون ؟ فرد مرافقه في بيارة فلان لكنه مع الغروب أصر على الانتقال لمنطقة أخرى وتبين له صدق حدسة عندما ابلغ أن البحث جار عنه ورفاقه في نفس المكان الذي خطط للنوم فيه ويقول " ألا لعنة الله على الجواسيس في كل مكان وزمان"
ويشير أبو إبراهيم إلى استشهاد ابن قريته ذنابة الشهيد عبد اللطيف أبو جاموس فيقول "عندما علم أن معركة قرب كفر أللبد اندلعت أسرع بحمل بارودته لينضم للمعركة فخرج من ذنابه باتجاه كفر أللبد حيث رصدته قوات الانجليز وأطلقت عليه النار فاستشهد على الفور " ويضيف أن قوات الاحتلال الإنجليزي لم تكتف بقتله بل عمدت إلى ربط جثمانه في المصفحة الإنجليزية وقامت بجره لمسافات طويلة بين كفر أللبد وذنابة .