28 أكتوبر 2008

صحفي أم تاجر ؟ بقلم منتصر حمدان

وصل هذا المقال عبر البريد الألكتروني ونظرا للأهمية نعيد نشره....

أنت صحفي أم تاجر هذه العبارة يرددها احد الزملاء الذي يعمل في إحدى المؤسسات الإعلامية المحلية كمراسل صحفي لكنه في حقيقة الأمر يقر بأنه لم يعد صحفيا بل تحول مع مرور الوقت إلى موظف إعلانات أو كما يحب ان يصف نفسه بـ"التاجر"، ويبرر تلك الازدواجية في عمله بين الصحفي والتاجر لتوفير لقمة العيش لأولاده وزوجته بعد فشله في الحصول على راتب محترم من عمله كصحفي محلي
ورغم إدراك ذلك الزميل بأخلاقيات المهنة ووجوب عدم المزاوجة بين مهنة الصحافة والإعلانات، إلا انه لم يجد مناصا من ولوج هذا الطريق دون أن يأبه بكل ما يقال عن أخلاقيات المهنة ويبرر ذلك الجحود بكل القيم والمبادئ التي تتطلبها مهنة الصحافة، بأنها لا تطعم خبزا وان من ينادون بها ،هم المترفون من الإعلاميين والصحافيين الذين تزيد رواتبهم الشهرية عن ثلاثة آلاف دولار أميركي والمتفذلكون بالشعارات الطنانة والمصطلحات الرنانة .
واقع حال اغلبية الصحافيين العاملين في المؤسسات الإعلامية المحلية اكاد اجزم بانه لا يختلف عن واقع حال زميلنا، الامر الذي يكشف في حقيقة الامر عن جملة من القضايا الواجب الوقوف عندها والسعي باتجاه وضع حلول واقعية تعالج هموم الصحافيين والاعلاميين العاملين في مؤسساتنا الاعلامية الذين لا يترددون لحظة واحدة في قبول اية عروض للعمل في المؤسسات الاعلامية العربية والاجنبية اذا أتيحت له الفرصة هروبا من هذا الواقع الذي اقل ما يمكن وصفه بالمرير
وفي مقدمة هذه القضايا التي تستدعي الاهتمام في اطار محاولات المعالجة لهذا الواقع للإعلامي المحلي، تحسين ظروف العمل بالنسبة للاعلاميين والصحافيين المحليين من حيث الحقوق الوظيفية التي تتمثل في الحصول على راتب شهري ملائم لطبيعة العمل والجهد والمؤهلات المتوفرة للزملاء الاعلاميين واقترح في هذا المجال ضرورة اقرار حد ادنى لرواتب الصحافيين والإعلاميين المحليين والعمل مع أصحاب المؤسسات الإعلامية للالتزام به، اضافة الى اهمية اقرار نظام موحد للعلاوات والترقيات والمكافآت للعاملين في هذه المهنة مع ضمان توفير تأمين صحي ملائم ومقبول مع أهمية اقرار نظام ضمان اجتماعي للصحافيين بحيث يجري اقتطاع جزء من راتب الصحافي بمشاركة المؤسسات بجزء آخر ليكون بمثابة صندوق ضمان اجتماعي للصحافيين والإعلاميين، والزام المؤسسات الإعلامية بضرورة توفير تامين على الحياة للصحافيين الذين يؤدون مهام خطرة في هذه المهنة
وارى ان هناك جملة من الاحتياجات والمتطلبات التي يحتاجها الصحافيون العاملون في مؤسساتنا الإعلامية والتي لا يتسع المقام لذكرها في هذا المقام، لكن من الواضح ان هناك قناعة باتت تترسخ بان الحديث عن النهوض بواقع الاعلام المحلي دون تحسين ظروف وواقع العاملين يعد محاولات غير مجدية ولن تحقق النجاح، خاصة في ظل التنافس الحاد الذي تفرضه وسائل الاعلام العربية والاجنبية العاملة في الأراضي الفلسطينية والتي يعاني فيها ايضا الصحافيون الفلسطينيون رغم الامتيازات التي يحصلون عليها من اضطهاد وظلم مقارنة مع زملائهم غير الصحافيين، فعلى سبيل المثال هناك عشرات ان لم يكن مئات من الصحافيين يعملون في مؤسسات اعلامية عربية ودولية بدون عقود ويكونوا عرضة لخسارة عملهم في اية لحظة بدون اية حقوق كونهم لا يعملون بعقود عمل رسمية، إضافة الى تعرضهم للابتزاز والمساومة من قبل الادارات المحلية لتلك المؤسسات الإعلامية التي يقودونها على طريقة "البزنس"، الامر الذي يعني ان حقوق غالبية الاعلاميين الفلسطينيين عرضة للانتهاك كل حسب وسيلة الاعلام التي يعمل بها سواء محليا ام عربيا
وامام هذا الواقع الصعب الذي يعيشه الصحافيون والاعلاميون الفلسطينيون، والذي ينعكس بصورة مباشرة على واقع اعلامنا المحلي ويلقي بظلاله الثقيل عليه بات من الاهمية بمكان الدعوة الى المبادرة لفتح نقاش معمق بمشاركة ممثلي المؤسسات الاعلامية المحلية والصحافيين المحليين لبحث سبل النهوض بواقع مهنة الصحافة في الاراضي الفلسطينية وحماية الصحافيين وحقوقهم من الانتهاكات كون استمرار هذا الواقع يمثل احد ابرز الاسباب في تراجع مستوى الاعلام المحلي وتراجع ثقة الجمهور به، وحتى لا يتحول غالبية الصحافيين المحليين إلى تجار يركضون وراء الخطر الداهم على مهنة الصحافة "الاعلانات" وكل ما تمثله من معاني السيطرة والاستحواذ على هذا القطاع.