5 أغسطس 2010

في ذكرى غزو الكويت



بقلم الصحفي عدنان حطاب*

في مثل هذه الأيام وتحديدا في الثاني من آب أغسطس من العام 1990م وقبل عشرين عاما أفاق العالم على خبر اجتياح العراق للكويت الأمر الذي شكل صدمة لأبناء الأمة العربية وخلق صفحة سوداء جديدة حفرت في ذاكرة تاريخ هذه الأمة
لم يكن قرار الاجتياح ليتخذ لو لم يكن في عالمنا العربي وفي العراق في حينه مستشارون غير مؤتمنون على أوطانهم وشعوبهم ومستقبل أمتهم
لكن كيف لعربي أن يخالف رأي الزعيم الأوحد في بلد شأنه شأن الكثير من دول المشرق الذي لا يسمح فيه لرأي مخالف حيث تجد المؤسسات البرلمانية وشعارات الحرية ما هي فقط للديكور والزينة السياسية أمام العالم
لو أن الحكماء والعقلاء تمت استشارتهم واخذ برأيهم لما كان الغزو ولا كانت الكارثة التي لا تزال آثارها بارزة وجراحها نازفة
لا يمكن لعاقل أن يقبل التبريرات لهذا الغزو لان كل امتنا شهدت في حينها وعرفت حسن نية قادة الكويت وحرصهم على وطنهم وأمتهم ولا داعي لسرد المحاولات التي بذلتها الكويت لإرضاء العراق الذي رفع من درجة مطالباته قبل الغزو بتعويض خسائره في حرب الخليج وكأن الكويت قدمت طلبا له لإشعال هذه الحرب ضد إيران .
استخدام كلمة لو.... ولما .... لا يفيد بعد أن وقعت الكارثة لكن الكلام المفيد الآن وبعد مرور هذه السنوات اخذ العبرة مما حصل ومنع تكراره في أي بقعة من عالمنا العربي هذا الذي يجب أن يقال أولا لقادة العراق الجديد: إياكم والتفكير بسياسة الضم والعدوان ضد الكويت تلك السياسة التي انتهجت في أواخر أيام حكم الملك غازي بالعراق ثم في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم وبعدها في عهد صدام حسين والان هناك بينكم قادة وأعضاء برلمان وبعض من الواهمين ممن يرددون أكذوبة أن الكويت جزء من العراق سلخه الاستعمار البريطاني لأن الحقيقة أن كل حدود الدول العربية بما فيها العراق نفسه قد رسمت بأيد غربية واقتصار الحديث في هذا الشأن عن حدود الكويت أمر ينبئ عن نوايا سيئة وغير منطقية
أما للكويت حكومة وشعبا فأقول لهم لقد عادت الكويت بأفضل مما كانت قبل الغزو وهذه المحنة التي استمرت قرابة سبعة اشهر تغلبت عليها الكويت بتضحيات وجهود شعبها ومن خلفهم كل المخلصين في العالم .. لقد كان هذا الدعم الواسع للكويت أولا بفضل حنكة وتدبير قادتها منذ ما قبل الاستقلال وبعده وفي أثناء الغزو
لقد قدمت الكويت (السبت) فلاقت (الأحد) .... نعم أحسنت الكويت لأمتها وأقامت العلاقات الطيبة والصادقة مع الجميع فحصدت ذلك تضامنا معها أثناء نكبتها بالأحتلال وكم بذل قادتها وعلى رأسهم الأمير الحالي الشيخ صباح الأحمد شيخ الدبلوماسية العربية الجهود لرأب الصدع بين الدول العربية والقيادات العربية
لقد قدمت الكويت لقضايا الأمة الكثير فقضية فلسطين كانت الشغل الشاغل للكويت التي دعمت الثورة الفلسطينية المعاصرة بالمال وفتحت أبواب الكويت للفلسطينيين للعمل والإقامة في الكويت وقدمت الكثير لفلسطين حتى غدت الجالية الفلسطينية اكبر جالية هناك قبل الغزو
ولم تكتف الكويت بالدعم المادي لفلسطين بل أرسلت وحدات عسكرية إلى مصر دعما للصمود العربي في وجه الاحتلال ... لقد انضم شقيق الأمير الحالي الشهيد فهد الأحمد إلى صفوف مقاتلي فتح في الأغوار في أواخر الستينات قبل أن يسقط شهيدا مدافعا عن بلده وبرصاص عربي .
نعم لقد أحسنت الكويت لفلسطين وقابل غالبية الفلسطينيين الإحسان والحب بمثله ولا عجب أن نجد بيننا في فلسطين من هتف مسيئا للكويت عن جهالة في حينه فالجاهل عدو نفسه قبل أن يكون عدو غيره فيا أخوتي في الكويت تذكروا واذكروا أن هناك من كان مستعدا أن يستشهد مدافعا عن الكويت من الفلسطينيين كما لو كانت فلسطين ثانية وأن هناك من الفلسطينيين من صلى ركعتين شكرا لله تعالى على تحرير الكويت وتذكروا مواقف رئيسنا أبا مازن من الاحتلال وقبله الشهيد صلاح خلف –أبو إياد وغيرهم الكثير من القادة الذين أحبوا الكويت وحرصوا على أمنها واستقرارها .
أما بالنسبة لجاركم العراق فتذكروا أن من حارب شعبه وارتكب الفظائع ضدهم لم يكن ليرحمكم وأن عهدا انتهى وصفحة طويت وأن الديون والاستحقاقات هي حقكم لكن احرصوا على أن لا تكون مؤذية للشعب العراقي الذي كان وقودا للحروب والمغامرات وضحية أكثر من كونه جلادا
أما باقي الدول العربية التي اختلفتم معها بشأن إدانة الاحتلال في ذلك الزمن فبفضل القادة المحنكين فقد تم التغلب على هذه الفتنة وعادت العلاقة الطيبة بين الكويت وهذه الدول والشعوب والمؤمل أن العبرة قد أخذت من هذه التجربة وهو أن لا تضلل الشعوب العربية وتهيج دعما للباطل مهما لبس هذا الباطل او ظهر بزي وطني او قومي او إسلامي فلا يصح إلا الصحيح ولا يجوز أن يسمح مرة أخرى بتكرار استغفال جماهير امتنا العربية وتضليلها لدعم العدوان وتعميق الانقسام العربي العربي على حساب القضايا الكبرى لهذه الأمة والتي فقدت وخسرت الكثير بسبب احتلال الكويت فهل من يعتبر من ذكريات الأمس القريب ؟؟؟؟
........................................................................................
* صحفي فلسطيني يقيم في طولكرم بالضفة الغربية بفلسطين