طولكرم-
المتوسط للأعلام - عبد الله سليم الدروبي
أمضى أكثر من 57 عاما في حفر آبار جمع مياه الشرب وقصارتها وهو اليوم متفرغ لمهنة قصارة الآبار فقط .
يقول
الدروبي والذي يعرف بكنيته –أبو وحيد- انه حفر في حياته ما بين 250 إلى 300 بئر
جمع مياه معظمها في قرى محافظة
طولكرم وخاصة في منطقة الكفريات وقد حفر آبار في جيوس ويعبد قضاء جنين وكفر
قدوم وحواره وفي كفر قليل جنوب شرق نابلس قام
بحفر أعمق بئر في حياته وصلت إلى 12 مترا .
وقد كشفت
سلطة المياه الفلسطينية صيف 2007 أن معدل
التزود بالمياه للفرد في الضفة الغربية يقل بكثير عن نصف المعدل الأدنى المقترح من
منظمة الصحة العالمي
واستنادا
إلى سلطة المياه الفلسطينية فان ثمة أكثر
من 200 تجمع سكاني في الضفة الغربية بدون شبكات مياه وما زالت تعتمد على آبار
الجمع ووسائل تقليدية أخرى للحصول على الماء .
يستذكر أبو وحيد طرق الحفر قبل احتلال الضفة عام 1967 قائلا انه
كان يستخدم كحل البارود في تفجير الصخور أثناء الحفر قائلا انه كان يحصل على هذا
الكحل من مصنع خاص في عنبتا أغلقته سلطات الاحتلال بعد النكسة
ويشير
أبو وحيد انه بعد العام 1967 والتوقف عن استخدام المتفجرات في تحطيم الصخور أصبح
الاعتماد كليا على العدد اليدوية لفترة
والآن يتم الاعتماد على ا آلات الحفر مثل الكمبريسة موضحا أن عمله اليوم يقتصر على
قصارة الآبار معتبرا نفسه انه أصبح خبيرا في هذه المهنة وان عمله يستمر طوال العام
مع التوقف في المطر الشديد .
ويستخدم
أبو وحيد حماره في الوصول إلى محل العمل خاصة وان معظم الآبار تكون في أراض زراعية
ومناطق جبلية وعرة قد لا تصل إليها المركبات مما يجبره على استخدام حماره في
الوصول إلى هذه المناطق
يفتخر
أبو وحيد في إجادته لقصارة الآبار قائلا الحمد لله إنني قمت بقصارة أكثر من 20
بئرا السنة الماضية ولم يعد أي من أصحابها ليراجعني بان البئر يسرب مياه أو أن
المياه فيه نقصت ويعتبر أبو وحيد أن مهنة حفر الآبار يمكن لأي أن يمارسها أما
قصارة الآبار فهي علم وتحتاج خبرة وطولة بال –ولا تعتمد على العضلات بقدر اعتمادها
على الصبر .
ومن ضمن
أعمال قصارة البئر يقوم الدروبي ببناء (قصعة البئر) وهي عبارة عن بناء كتلة
إسمنتية مربعة بطول 100-110سم يثبت في وسطها باب حديد كما يقوم بتسوية وصب سطح
للبئر بالاسمنت لضمان جمع مياه الأمطار
فيه
ويقول أن الحجر يحتاج إلى سياسة وملاينة لا
الشدة والعنف ويستخدم الدروبي عاملا واحدا
يعمل معه في القصارة معتبرا أن العامل يحتاج لوقت طويل حتى يتقن المهنة وان هناك
عمالا اشتغلوا لفترة قصيرة وقاموا بقصارة آبار أدت في النهاية إلى خسائر في المال
والجهد عندما يتبين أن البئر يفقد المياه المتجمعة وبسرعة كبيرة حيث يحذر بمثل
شعبي بقوله "هواة المعلم بألف ولو أنها تلف-" أي أن ضربة المعلم تعادل
ألف حتى ولو يخرب العمل
ويبلغ
أبو وحيد الدروبي من العمر 76 عاما إلا انه لا يزال يستخدم الحبل في النزول
والطلوع من البئر بخفة وسرعة تستدعي الدهشة
لشخص في عمره معتمدا على قوة يديه النحيلتين في التسلق على الحبل الذي يكون
قد ربطه في أربعة من جذوع الأشجار بعد أن يكون ضمها معا بربطتها بحبال وأسلاك وثبت
حجارة ثقيلة عليها ليضمن ثباتها وتحملها لإنزال نفسه والعامل المساعد ومواد
القصارة من اسمنت ورمل وماء إلى قاع البئر
ويقول
وحول
إذا ما كان ناتج العمل يكفيه أو ينفق على أسرته أجاب الدروبي مبتسما ....انه أنجب
5 أولا و3 بنات وأنهم اعتاشوا من هذه المهنة طوال الفترة الماضية معتبرا أنها صنعة
ومهنة وعلى رأيه –اللي يتعلم يصنع يملك قلعة
.
وفيما
أن وجد آثارا أو ما يدل على حياة قال انه لم يجد شيئا من ذلك لكنه كثيرا ما وجد
أفاعي داخل الآبار خاصة في الصيف حيث كانت الأفعى تحاول الاختباء إما تحت دلو
العمل أو بين ملابسه التي علقها على جانب البئر
أما عن
مدى صلابة الصخور واختلاف الصخور من منطقة إلى أخرى فقد قال الدروبي أن الأرض لا
تقر(تعترف )بما فيها بل تخبئ ما فيها ويضيف انه كثيرا ما يتم استشارته حول انسب
مكان لحفر بئر فاضطر أن اذهب لمسافة لاقترح عليهم مكان الحفر والحمد لله دائما لا
يخيب ظني بالمكان المناسب وتراني كمن ينقب عن بترول استخدم حدسي لمعرفة المكان
الأنسب والأسهل للحفر وهذا كله من طول
الخبرة .